وكالة مهر للأنباء - سامي كليب: كادت عينا مندوبة أميركا في مجلس الأمن نيكي هايلي تدمعان وهي تتحدث عن حبها للشعب الإيراني الليلة. قالت والتأثر بادٍ على محياها:" ان الشعب يقاوم، وسيقرر مصيره، وان أميركا لن تصمت وستقف مع الذين يطالبون بحريتهم" ....
تذكرتُ كلاما مشابها في العام ٢٠٠٣ حين دمرت اميركا وبريطانيا العراق وقتلتا مليون ونصف من شعبه بينهم نصف مليون طفل بذريعة كذبتي أسلحة الدمار الشامل والتعامل مع القاعدة. تذكرت كلاما مشابها أيضا حين تم اتخاذ قرار تدمير سوريا وليبيا واليمن وقبلها لبنان......
ولكي لا يقول التاريخ يوما انهم ضحكوا علينا، من المهم ان نتوقع التالي :
• بعد أيام قد نسمع ترامب يقرر الغاء الاتفاق النووي
• بعد فترة سنسمع بتأسيس مؤتمر أصدقاء الشعب الايراني
• بعد حين سنشاهد على التلفزات الغربية والعربية والإسرائيلية تقارير مفبركة لمظاهرات لم تحدث.
• بعد أسابيع سنشاهد فتية أو صبية بعمر الورود تعرضوا للتعذيب والقمع والسحل في إيران قبل ان نكتشف لاحقا ان التقرير مصور في استوديوهات محترفة تفبرك كل شيء .
• بعد فترة سنشهد ارتفاع الضغوط الأميركية على الدول الاوروبية التي تجاهد لفتح خطوط اقتصادية مع إيران بغية وقف ذلك ورفع مستوى العقوبات على طهران وشخصيات ايرانية
• بعد حين ستضع أميركا ومعها بعض الدول الحرس الثوري الايراني على لائحة الإرهاب العالمية.
• بعد أسابيع سيتم تأسيس مؤتمر للمعارضة الايرانية في الخارج ويتم استقبال بعض الرموز كما حصل مع بعض المعارضة السورية .....
• بعد فترة ستُلصق بايران تهمة تفجير هنا أو اغتيال هناك أو صاروخ هنالك.
لا شك ان جزءا من الشعب الايراني الذي تظاهر يريد تحسين مستوى حياته في فترة الصعوبات الاقتصادية وافلاس مصارف وتراجع القدرة الشرائية. ولا شك ان جزءا آخر يريد محاربة الفساد.... ولا شك ان النظام الايراني ليس حمامة سلام. وقد اعترفت السلطات الايرانية بلسان كبار مسؤوليها بوجود خلل كبير ....
لكن ثقوا أيها السادة، بأن الهدف الأميركي أبعد ما يكون عن دعم الحريات والديمقراطية في ايران التي عرفت كيف تطور علومها واسلحتها وحققت اكتفاء ذاتيا في الكثير من المجالات رغم العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها منذ أكثر من ٣٧ عاما ..... الهدف هو احداث خرق في النسيج الاجتماعي الايراني لإخراج ايران عنوة من كل الملفات الخارجية وفي مقدمها ما يتعلق بمستقبل فلسطين ...... لو كان الهدف هو الديمقراطية فهناك دول أولى من ايران بتطبيق الديمقراطية فيها وهي من أكثر الدول تحالفا مع اميركا وأكثرها عشقا للبيت الأبيض ومن فيه.
كبرت ايران أكثر مما تحتمل أميركا وإسرائيل وبعض الدول الأخرى. لكن ضربها عسكريا قد يؤدي الى حرب كبيرة ( كما أوحى السيد حسن نصرالله في مقابلته مع الميادين) وخنقها اقتصاديا ساهم في تطوير علومها واسلحتها وصواريخها واقمارها حتى صارت في مصاف كبريات الدول والأكثر تهديدا لإسرائيل، ومحاولة قطع شريانها صوب الشرق الأوسط عبر العراق وسوريا ولبنان انهارت...فلم يبق الا محاولة ضرب النسيج الداخلي .....
الجديد هذه المرة، ان ثمة محورا قد نشأ مع وحول ايران. والجديد أيضا ان روسيا تشعر بأن أي استهداف لإيران هذه المرة هو استهداف لدورها أيضا في الشرق الأوسط... والجديد أخيرا ان أبرز مستشاري ترامب وهو ستيفن بانون يدق مسمارا جديدا في نعش العرش الترامبي.... فهل تجروء أميركا أو إسرائيل فعلا على المغامرة صوب الحرب ؟
لو كنت مكان المعارضة الايرانية، لما صدقت أي حرف مما يقال اليوم، لأنه غدا سيخرج سفير أميركي على غرار آخر السفراء الاميركيين في سوريا روبرت فورد ليتلو فعل الندامة ويقول : لقد أخطأنا ولم نقدر أن ايران قوية الى هذه الدرجة .... نقطة على السطر...
أيها الشعب الايراني احفظ بلادك، وحاول إصلاح الخلل دون الاعتماد على دول لا تحبك ولا تحب قيادتك ولا تحب معارضتك، وانما تريد فقط إطالة أمد الأزمة على أمل الوصول الى حرب كما حصل في سوريا .... ان حضارتك تسبق بالآف السنين حضارة من يريدون نشر الديمقراطية المزيفة عندك.....ولا بأس أن تتصالح مع جوارك العربي مهما بلغ حجم التنازلات، فانت والجور أهداف سائغة للغزاة والطامحين وناهبي ثروات الشعوب .... /انتهى/.
تعليقك